وجهة نظر
صحيح ان الامة العربية تعيش مرحلة مخاض عسير لولادة ثورة شعبية بكل المقاييس التي تساهم في حدوث الثورات داخل مجتمعات تنشد التغيير.وتطمح الى اصلاحات واسعة...
ان تحقيق الثورة مكسب الشعوب العربية التي سئمت سياسة الراي الواحد.والتهميش المنهج...واشكال الادعان لما تريد الحكومات العربية وتكرس ادارة النظام للحفاظ على مصالحها الكبرى على حساب الشعوب المقهورة.
ولقد ان الاوان ليسمع صوت الشباب العربي في المداخل الدولية.وتعاطف العواصم الاوربية بهذا التحرك الايجابي الذي يخدم مصالح المواطنين بالدرجة الاولى.ولا يمثل اية جهة خارجية او داخلية...لان سمات ثورة الشباب تنطلق من الواقع المعاش.والظروف الصعبة التي يعيشون فيها...ومجموعة من المطالب المشروعة ظلت لسنوات حبر على ورق وفي الدهاليز المظلمة...وقد جاءت ساعة الحقيقة ليشهد العالم العربي طفرة نوعية في المشهد السياسي الاصلاحي في المنطقة...
وامام هذه الحقوق الانسانية التي لا يمكن ان تتجزا او تنفصل عن بعضها البعض فهي تشمل جميع مجالات الحياة...الحق في الحياة والصحة والتعليم وحق المشاركة السياسية...وحق التعبير...وجملة من الحقوق التي ظلت معلقة الى حين يتسنى لها ان تطبق على ارض الواقع...
والسؤال الذي يطرح نفسه بشدة.لماذا تاخرنا هذا الوقت...حتى تشرق شمس الحقيقة من تونس.وتتسع دائرة التغيير دول كثيرة...ام ان التكنولوجيا الحديثة ساهمت في توحيد الراي والفكر والتنسيق لتعبر عن ارادة شعوب باكملها...
ولم يكن نجاح الثورة بالامر الهين...لقد تهيات الظروف والمناخ السياسي.ودرجة وعي الشعوب...
ونفترض لو وقعت هذه الثورات في نهاية الالفية التانية لا بيدت في اوالطريق بشتى الطرق التي كانت متوفرة في ذلك الوقت من الزمن.زمن التصفيات والاعتقالات واشكال التعذيب والقهر.وهذه الانظمة بدات تتقهقر وتتلاشى وتسقط تباعا وتنهار...
ان اليات نجاح الثورة على المدى المتوسط والبعيد تحتاج الى وقفات طويلة لتحديد سبل تحقيق الثورة لاهدافها المرجوة دون اراقة الدماء.وزهق ارواح الابرياء...وتخريب الممتلكات الخاصة والعامة...
لا يمكن ان نقول بان الثورة نجحت الى حد ما في تحقيق الهدف.ولكنها لم تصل الى المستويات الحقيقية حتى تحقق اهدافها كاملة في تغيير النظام.ومحاكمة الفاسدين.وتشكيل دستور جديد يتماشى والمرحلة المقبلة.وتسريح القوانين وحل الاحزاب الحاكمة.وفتح الباب لاحزاب الشعب لا احزاب النخبة...
وامام نجاح الثورة لابد من وجود معوقات في طريقها.وهم مجموعة.يلقبون باعداء الثورة لانها لا تخدم مصالحها الاستراتيجية.وتواطؤهم مع جهات كانت نافذة في سلب خيرات هذه البلدان العربية...
...وكم تبدو المسافة بين الشعب والنظام قريبة جدا.لكنها في الواقع تؤكد العكس.وعندما خرجت حشود من الشباب العربي الى الساحات العامة...فماذا كان في انتظارهم...ورغم التبريرات الامنية في عملية الرد...الرد على من وكيف...وباية حجة يمكن اطلاق الرصاص على مواطنين لا يحملون الا لافتات واصواتهم المبحوحة...اهكذا يكون الرد...بالقتل بدم بارد وبدون وعي مسؤول امام ابناء الوطن لقد انتهى عهد التخويف والترهيب...والشعوب اصبحت واعية ومسؤولة بما فيه الكفاية...وتحتاج الى قناعات وادلة دامغة وحجم ثابتة لاقناعها...
وفي غياب الاحزاب-كيف كان لونها-التي لم تلعب دورها الرئيسي في تاطير الشباب.وفشلت في خلق قنوات...والتشكيك في مصداقيتها وشعاراتها التي كانت تخدم مصالح الانظمة.وتدافع عنها...وتعمل تحت ظلها...
هذا النفور من العمل السياسي.والانخراط في الحياة الحزبية والمشاركة فيها ساهم بشكل من الاشكال في نوع الاحباط الذي عاشه الشباب العربي اكثر من نصف قرن...
لا شيء خارج الثورة...انها ثورة عربية وشعبية بامتياز...ثورة نظيفة لا تشوبها شائبة...ولا تؤطرها جهات خارجية...ولا مدفوعة من تنظيم ارهابي او ما شابه ذلك...
ان مصداقية هذه الثورة هي التي اعطتها هذا الزخم الاعلامي والتاييد الشعبي والاعتراف بها كثورة الضمير الحي في قلب اي عربي يريد ان يترك ابناءه واحفاده يعيشون حياة الكرامة والعزة.
ربما ستتكرر هذه الكلمة "ارحل"في اكثر من عاصمة عربية وعلى هذه الانظمة اذا ارادت ان تستمر في هرم السلطة ان تبدا في اعادة النظر في السياسات المتبعة.والقيام باصلاحات واسعة وحقيقية.وتنم عن مسؤولية سياسية في تحسين اوضاع الناس.واطلاق مسلسل الحريات العامة.والغاء قانون الطوارىء.والتعددية الحزبية.وحرية الصحافة والاعلام...واشكال بقوة في تفعيل القدرات الفكرية لكل مواطن من اجل الرقية والازدهار...
لقد حان الوقت لكي تسنريح هذه الانظمة التي لا نريد ان نقول عنها اي شيء.فهي تعرف نفسها اكثر من اية جهة اخرى.وترفع يدها على اعناق العباد...وتترك المجال لشباب شرب الذل والمهانة.وفضل المغامرة في عمق البحر ليحقق الاحلام التي تلاشت مع اول عاصفة...تركت الاجساد عالقة في مياه القارة العجونا...تروي تفاصيل المشهد في الضفة الاخرى...
كم هو مؤلم ان تعيش في وطنك.وان لاتستطيع الكلام.بكل حرية مسؤولة وراقية كيف يمكن ان نبحث عن المواطنة في شعب لا يعرف نفسه.وغير قادر على التغبير عن نفسه لان الواقع يفرض نفسه ويفضح حقيقة ما يجري في الكواليس السياسية...
مازال الوقت امامنا شعوبا وحكومات عربية.للدخول في مرحلة جديدة من المصالح الذاتية والفعالة مع جميع اطياف المجتمع العربي.وفتح المجال للحوار الديمقراطية البسيط والمقبول امام شرائح المجتمع وبدون اقصاء اية جهة من الجهات مهما تبدو المواقف المسبقة والاحكام الجاهزة التي تتخذها الانظمة حيال هذه التكثلات السياسية التي يقال عنها متطرفة...وتشعل فتيل نار الفتنة داخل النسيج العربي العام...
...هذا امر غير مقبول ومرفوض كون المناخ الجديد يفرض علينا كشعوب عربية مواكبة الركب الحظاري.واطلاق العنان للبحث العلمي والفكري.وتشجيع الطاقات الواعدة في شتى مجالات الحياة...وتخصيص مزانيات محترمة لدعم الثقافة والابداع...خلق اوراش مسؤولة للنهوض بقطاعات كثيرة تعيش على الهامش...وعلى التفاتات نادرة...وظهور محتشمة تفرضه مناسبات معينة...
...ماذا ننتظر حتى هذا اللحظة لنكون افضل امة اخرجت للناس?!
- طنجة - 31 مارس 2011 - المملكة المغربية