أيّ شيء تحمله يداي
يهرب من دمي
يكسر وجه مرآتي في جدار الحديد
لا أرى نفسي
حين تخرج الأيام القديمة
من معطفي الشتوي
في المرايا المهشمة على عتبة الدار
أراك وحدي في تعدد الأقنعة
في ظلي المتمرد ساعة الظهيرة
يتسلل برهة في ثنايا الذاكرة
يحكي تفاصيل الخيانة
لا أريد أن أكون
وجها لأبي في صورة العائلة
لا أريد أن أكون
عملة نادرة في سوق النخاسة
في كف جارية حسناء
أتعبها وجع الجريرة
تلمع عينيها في أيامها المريرة
حطب الخريف
تآكل في شتاء النقب
يعتريني صمتك
مراعي النجوم في سبات القافلة
يجرحني عنادك المزمن
في شحيح الأرض القاحلة
تخسر الكواكب بريقها الأزلي
تنطفئ المجرات
في فوهة النيازك الغاضبة
يضيء الكون شعلة القدر
عند مهبط سورة الفاتحة
تغيب الشمس
خلف حريقها الأسطوري
و يتلاشى هدير البحر
سماد الحقول الجائعة
في انزلاق الزوارق
تحت سماء الفاجعة
تحت سواحل المطر
تغسل الموانئ وحشة الغياب
و يدغدغ النورس
أحلام بحر
في إشتهاء عذوبة الماء
في جوف الشجر
أخالف وهج التوقد
في شفق التلال المتدحرجة
في عتمة الأسئلة
في سكون الليل
تفتق غواية محمومة بالإرتجال
فيما هو آتي
أقف برهة الشروق عند ممر الجنود
يكثر الرصاص نبيذ الحانات الفارغة
في مدن المآسي
أشخص حالة الهذيان
في ركوب الحجر
تبتعد الشمس عن دروب الترحال
يخجل وجهها من سحنة القمر
كئيبة ملامح وطني المسلوب
مثل رماد يزين ألوان السماء
في مدارها الثلجي
كلما تعالى في النشيد
صرخة محارب تداعت في المغيب
صورة لذكرى الحبيب
٠٠٠هنا ، أنتظر ظلي كي يعود
أرفع علم الحفيد
في انصهار الضوء
نهار يدخل من ثقب الباب
يعلن حالة الطوارئ
في مدن الإنكسار
المكان محاصر
منذ كانت الأرض تشبه أختها
في خضرة السنابل
في تساقط القنابل
قرب بطن الجياع
أيّ شيء يلهمني وحي الكلام
في شكل الموت
وهو يركب فراسة العويل
ترك صورته تعلو في السماء
نجوم الصبح الآتي
من تخوم العزف الثائر
بين أنامل تردد صخب المدافع
في صدر طفل
لم تسعفه براءة
تحبو فوق حبل المشنقة
أخجل مما تراه عيناي
ستار الغضب العارم
في كل هذا الصمت
المسجون في أقفاصه الجديدة
تنفجر الأمكنة
تغادر الطيور أوكارها دون رجعة
تغير السماء طقس نزولها
و الغيم في حزنه الآسر
ترحل عن موعد الشتاء القادم
لم تعد الأرض حبلى بأبناء الوطن
قوارب النجاة إلى الضفة الأخرى
تغرق في حلم العدم
تغرق في مشوارها الهزيل
البحر ينفض زبد وجهه
كلما طفحت جثتي كيل بعير
في كل الأسواق التي تعرفني
أصك صفائح الخيل و العبيد
نبيذ يملأ كؤوس الغجر
شذى لحن و رياض عبير
متى تخرجين عذراء
مثل ماء المطر
تخرجين زهو ورق الشجر
أنسى كل شيء
في مشهد القصف
في العواصم التي تحمل لغتي
يوقظني التشرذم المتعالي
في مسالك الضياء الكئيب
نحو نهاية الأفق المسدود
تقبع حروف هجاء بين دفاتري الرخيصة
تشعل النار في هشيم النسل
حصاد الأنين الخرافي
في كهف أحلامي
تراني ألملم وجعي الصغير
فوق وسادة مشبعة بكل ألوان الطيف
يستغرق الوقت طويلا
كي أخرج من نفسي
ساحات ود
تغازل مشهد لقاء
موشوم بحرقة الإنتظار
أيّ شيء يخفي طريق الحرير
في امتلاك قوافل الهجير
قهوة الصحراء
توقظ فراسة الثعالب
في سرعة مطاردة الطرائد
أخرج من صمتي عاريا
قبالة بحر دمي
أقرأ الجرائد في قصيدتي الأخيرة
أمسح عن الجدار غبار الإنهيار
الذي يفصل الجسد عن حرمة الديار
كم كنت قريبا منك
أقرب من حبل الوريد
أقرب من مشيمة رحم الولادة
أقرب مني إليك
حين أراك تحت الحجر
أقرأ في عينيك تاريخ المهزلة
غائبون في انجراف التربة و الشجر
حائرون في صناعة ملاحم الوطن
ثائرون في وجه بعضنا
يسيل الدم في الحارة القديمة
كما يفيض الدمع ينابيع العطش
في ساحة البيت العتيق
يوارى الثرى الشيخ و الرضيع
الأخ و العم و الدم الشقيق
مقابر تحاكي فصل الربيع
بألوان اللهب المتصاعد من حفرة الجحيم
تحترق أصابعي رماد العيون الشاردة
في كل هذا القتل البطولي
في إحراق الشعب حطب المدافئ
في غرف النوم
لا تسمع للقذائف خطب
لا صوت يهمس لمن يحلق في سماء دمشق
يرمي حمولته الزائدة و يختفي
أنسى كل شيء
أرى حلب الصمود
تزين طريق الصعود
إلى يافا وعكا وغزة الشهود
أحزم أمتعتي في مطار الهبوط
أنتظر وحي السقوط
خليل الوافي ـــــ كاتب و شاعر من المغرب
khalil-louafi@hotmail.com طنجة في : 2013/02/25