أراد أن يحرك شخوصه على الورق،قبل أن تبدأ الكاميرا في إلتقاط المشاهد.
حار في شكل البداية،وكيف تكون أحداث القصة،وتسلسل الوقائع نحو نهاية مقبولة ظاهريا،رغم صعوبة المهمة التي أخذها على عاتقه في صناعة مشهد يتيم،يحفزه في إكتمال مشاهد الفيلم.
هل أراد أن يكون كاتب سيناريو "محترف"؟ لما لا؛وهو مهووس بالسينما منذ نعومة أظافره،حين كانت القاعات السينما تملأ عن آخرها بجميع الفئات العمرية و الإجتماعية،تترقب بلهف وحيرة ؛هذه المخلوقات البشرية،التي تتحرك وتتكلم؛كأنها تخاطب من في القاعة.و كان الظلام يعطي زخما إضافيا للتفاعل القوي الذي تمارسه الصورة أمام مشاهد متعطش لهذا الفن الراقي.وتساوي الجميع في طقس الفرجة.
كان في غالب الأحيان لا يجد مكانا يجلس فيه،يفترش الأرض؛وهو يشعر بنشوة النصر،لأنه تمكن من الدخول بشق الأنفس.والحصول على تذكرة،يتطلب جهدا عضليا،وخفة في تفادي ضربات من كانوا ينظمون صفوف رواد القاعات السينمائية،في كل من سينما المسيرة بعين الشق،وشريف والسعادة بالحي المحمدي،وموريطانيا والكواكب بسيدي معروف،وسينما البيضاء بالمدينة القديمة...
شغلته فكرة كتابة نص سينمائي،الذي يبدأ بالمشهد الأول،تتراكم الصور و تتفاعل مكونات المشهد،ضمن تركيبة شمولية تتماشى و التصنيف السردي الذي يتطلب إحترام القاعدة الأساسية لقصة الفيلم:بداية و وسط و نهاية.
قرأ الكثير من نصوص سيناريو لأفلام أمريكية،مترجمة إلى العربية،في ظل غياب تجربة حقيقية لكتابة سيناريو بنفس عربي،وإفتقار المكتبة العربية لدراسات وأبحاث عن حصيلة السينما التي تجاوزت قرنا من الزمن.
لابد من بداية حقيقية لسيناريو مغربي بموصفات عالمية،بعيدا عن إرتجالية فاضحة،في الطرح و التعامل.وبدون سيناريو لا يمكن أن ينجح المخرج في صناعة فيلم.
هكذا كان يفكرصالح؛وهو يخط أولى خطواته في إمتهان كتابة سيناريوبمعايير متفق عليها في صناعة فيلم.
أين تبدأ البداية،وأين تنتهي خيوط اللعبة،شيء يحتاج إلى اتساع الرؤية،وتحديد الفكرة وصياغتها في قالب الحبكة.
هل أنا قادر على كتابة شكل سيناريو،قابل إلى أن يتحول إلى صور حية داخل مشهد الفيلم.أسئلة تتراكم تباعا دون أن أمنح القصة الوقت لتختمر أكثر في مسالك الصياغة.
من هي الشخوص التي تؤثث زمن الكتابة،وأخرى تدفعها لقول حقيقة السرد،وصناعة الحدث.مازلت غير قادر على تحمل مسؤولة الكتابة في هذا النوع المتخصص.
أقنع نفسي ثانية برغبتي الجامحة في كتابة مشهد سنيمائي بمواصفات معترف بها في أوراش العمل.أبدأ الآن بدون مركبات نقص،وجرأة نادرة في تحديد نمط نص نموذجي.
من منكم يلهمني البداية لأفتح نوافذ الضوء على غرف الحياة،وأكتشف عوالم الصورة؛وهي تنتقل من حركة إلى أخرى