مزحة
أطل
الصبح وشاح امرأة ، تغسل وجهي مساحيق المرايا المنكسرة في بحيرة عشقي ،جفت
عروق الماء في ضلوع الحسرة بغطاء الرحمة ، وتعاويذ عرافة موشومة بتنهدات
محارب خذلته البطولة على أعتاب طليطلة ، وتخوم المعارك التي لا تنتهي ؛
وأعدت تفاصيل الجرح أمام ذاكرة تنسل خيوط الذكرى من شهقة حلم أزق ، يوهم
صاحبه بأن السماء مفتوحة إلى حدود القلب ؛ لا العين قادرة أن تنظر في وجه
الروح ، وهي تتسلق أبراج الصعود إلى منتهى التكوين ، و لا الجسد قادر أن
يتخطى حقيقة الشمس في منحذرات السقوط خارج دائرة الضوء ؛
وفي الأمر متسع للخوف وإرتجال الكلام بصيغة النفي ،
و ترتيب الأيام حسب التقويم الهجري ساعة الصفر.
ـ حرج
تداعى إلى مسامعي ،خبر الرواية الكاذبة حول تداعيات الحدث في الصحف المأجورة ، و المهجورة من
قراءها ،وشاعت تفاصيل الصور الغارقة في متون الهلوسة ،وإستهلاك حجة غياب
الدليل العالق في أسمال الجهالة ،و اشتد الصراع الفوقي عن مصداقية الصورة
في يد من يصنع مواقع الإدراك لما يجري حولنا ،ويرتب أوراق الإعتراف في
أظرفة مدسوسة بشبهة الإنتماء إلى فصيل المقاومة على شرفة الأعداء ، هناك من
يعرف عنك طرق الحياد ، ويصر أن تركب قوافل الإرهاب ،وأنت تلبي دعوة حج إلى
أم القرى ،وإلى مركز الكون ؛ هناك من يقف خلفك يمحو آثار الخطو ، ومراقبة
السراب فوق مدن تساقط شعرها من فرط الكلام
ـ جرس
خرج
النوم من معطفي ، كدت أن أخنق أحلامي في وهج الأجراس الغاضبة أفزعت مضجعي ،
وسألت الوسادة عن جرم اقترفته أناملي الضعيفة في وجه ذاكرة تخاصم طفولتي
،و أوراقي المبعثرة فوق مكتبي ، خلعت للتوعبائتي المزركشة بألوان الغيظ ،و
استرحت قليلا من لهاث الركض إلى أقاصي الملح ،ورطوبة المكان ؛ لا وقت لي
للمزاح و الحرج المباح في كتابة ترانيم البكاء فوق حبل غسيل يعشق رائحة
الألوان ،وصراخ الغربة يعلن الحداد على أبواب دجلى ،ويطرق الغريب أسوار
القدس يسأل عن سماء عربية تخجل من صلاة مؤجلة فوق المآذن ،وفي تل الزعتر
يعجز الكلام في وصف ما رأته طفلة في دير الزور ،وما أخفته العيون الغارقة في تربة القتل .
فرح
عبرت
أقاليم العروبة ،أحمل شوقي لأخوتي في الضفة الأخرى ،لم أشعر أني في
وطني ، نزل الدمع غزيرا في دروب الغربة ،والمنافي القريبة من دمي ، لمحت عن
قرب بسمة عجوز تلخص تاريخ النكسة في ولادة الوطن خارج حدود الإنتماء ،
عرفت الوجوه التي تعرفني في أوج المعارك الخاسرة ،لا تقلق يا ولدي
يحدوك الأمل الهارب في عيون الصبايا تداعب فراشات حلم قريب ، تنتظر عودة
السفن التائهة إلى مرافئ الفرحة المسجونة في صراخات الأطفال ، يخرج الصمت عن صمته ، ويلقي بيان آخر هذا القرن
درج
ركبت
درج الحقيقة ،أبحث عن أسئلة مجروحة في مراكز الإجهاض ، أسمع أصوات السياط ،
وأنين الوجع اليومي في وجوه أدركها الموت قبل موعدها ، وتأجلت الحياة في
مواسم الركب على منحذرات الخوف الساكن في ذاكرة الإعتراف على مقصلة التاريخ
،أجد قوافل الرحيل تجمع شتات المدن وقرى سقط عن حجابها براءة السهول
الخضراء في البقاع وعلى حافة النيل ،وعلى مصب دجلى وفرات المحبة ،تعجز
اللغة وصف المشهد المهيب عند سقوط بغداد ، وانتصار الكره على مشارف غزة ،
وفي الأرض رحابة صدر تختزل صورة زيتونة منكسرة في حقول التجارب الفاشلة
لإعادة فلسطين إلى واجهة الأحداث ، هناك من يحمل الحياد صفة الخذلان في عكة
والجولان ، ولا شيء جديد في سماء العروبة الناقصة ٠
خليل الوافي _ كاتب و شاعر من المغرب
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]