صامتون،
كل هذا الصمت
نحرر عجزنا عن مدار الخوف
نشرب رعبنا من سواقي الزيتون
نجمع حطب المحرقة
من متاهات السراب
نشعل الريح
مواقد دافئة للوجوه
العائدة لتوها
من رحم الولادة
كانت القرية،
تضيء سراج قناديلها
للعائدين من تخوم الموت.
لم تعد الأجساد
إلى سابق عهدها.
آه،
لو كنت تمشي؛
كما تمشي الرمال
في بحر وحشي
يزدان شوقي
لهفة تطفو فوق ليل النخيل
يعلو صمتي
صراخا مؤجلا طوال الدهر
تطلعت إلى القدس
في لباس الحرب،
أستشرف أمّ القرى،
وهي؛
تمسح وجه السماء.
مشيت كل الطريق المؤدية إلى حيفا
أتعبني المسير،
أنهكني البكاء الطويل
أمسح عن دمعي
ذبول الفراشات
في يدي
كنت ذاك الطفل
ذاك الشيخ
كهلا كنت
أراقب معابر التفتيش،
وهي؛
تحمل وطنا على الرحيل
يافا،
تنتظرني هناك على حافة الجمر
أسقي الراحلين خمر كأسي.
خطوت ،
نحو تربة غريبة؛
عن وجوه حملت سلاحها،
واختفت خلف هضاب الشمس
لا أثر لقدمي
في نزيف دمي.
آه،
لو كنت تمشي
كما تمشي الجبال
في ركب حلمي
لسٌخرت الريح
كي تطفئ مشكاة روحي
أتلمس يقين الغياب
في عينيك
ولي بوح متمرد
يتسلق نهار شرفتي
ما كان لي
أن أكون خلف ظلي.
صامتون،
كل هذا الصمت
نحرر يتمنا
قربان التائبين
من تفاحة اليقين
هل رأيت البحر في سماؤه
هل ينطق الحجر هديرالموج؛
قرب ساحل الشفق؟
تحت ملح الماء،
تغالط الجبال
عن ركب أتعبه النواح
تتيه الزرقة
في لج ماء شارد
تنضج لهفتي
عند صبح باكر
لم تلمسه يدي
هل رأيت طائر النورس،
يسرق قناديل ليل بئيس
على ضوء خافث
لمنارة عاجزة
عن فهم إشاراتها
آه،
لو كنت تمشي
كما تمشي الخيل
في دمي
هي؛
رجفة واحدة،
تكفي،
عبثا،
يسخر الظل من رماده
المنطفئ خلف أشواك الشمس
ويقلد الضوء انعكاسه
على رمال صحراء
خسرت حروبها في القتل
من يعيد للحرب بريقها
في هزائم الأمس
من يحمي الموت
من طابور الرحيل؟
لا أحد يحمل قبره ضاحكا
في مطر الدمع
أيقنت
أن الماء،لا يغسل وجهه مرتين.
هو؛
الماء ـ في شكله ـ حجة القادمين
من سواد الشمس
آه،
لو كنت تمشي
كما تمشي الظلال
خلف نعشي
تبعدني ؛
ما دام
الشتاء
لم يأت
هذا العام.
يعتليني سديم الفراغ.
في زرقة تخاذلت شقوقها
في سماء تمطر دمعها
على أكف الظامئين
أيّ وحشة هاربة
من كل هذا السكون المقيت
أسخر من غضبي
وهو؛ يغلق باب صوتي
من انفلات خارج
دائرة الضوء
آه،
لو كنت تمشي
كما تمشي
القوافل في يدي
مذ كان الوهم
رمادا تكحل به عيون العير؛
طرق الهجرة
لا ترى ضياء القمر؛
إلا في حلكة الليل.
يتلاشى الغبار
في حلقة السهاد العالي
كنت طفلا
يسّرج الليل أجنحة الهرب
كنت شيخا
يعلوه الشيب وقارا
ما سئمت من عمري
لحظة،
تخاذل الشهم و الجبان
كنت، أنا الوحيد،
أعزف للريح صرخة الغائبين
خطى نحبي
لم يكن شوقي
موشوما بحرقة الرمل
هي؛
السماء تظلل وجهها
بغيم ممطر
سرعان ما تفتحت أزهار الأرض
وأنا،بين رابيتين،
يجري الماء تحتي
أسأل نفسي
هل كنت صالحا للبقاء
بعد هذا التجلي