راحل يا أمٌي...
راحل يا أمٌي...
خارج الوطن.
أبحث عن وطن الروح،
في شجر يطل،
على عروبة قاحلة،
راحل...
أسرق السمع،
من همس الحجر،
وفحيح الورق؛
لأصنع لك بيتا ،
ولأبي راحلة.
راحل يا أمٌي...
أتحسس تقاسيم وجهي،
أبحث عن شكلي في كل المرايا،
وأنفض عن جسدي رماد الفاجعة؛
كي يكون لك نخل ورمان.
ولأبي سيف وكوفيه.
راحل يا أمٌي...
أغير تاريخ الكتابة،
في الألواح...
في الرمل ...
في الماء...
في الصخر،
وأكتب بالصمت صمتي.
تنفلت الكلمات،
أفقد صوابي في النطق،
أتهجى حروفا، وأخرى تخدعني.
أتسول لغتي،
رماد الكتب المحترقة
راحل...
تختارني أصابعي النحيلة،
وأنا ، أخدش لون الغسق،
في كبرياء الشمس.
راحل يا أمٌي...
أنتعل وحشتي،
في ظلال الغياب.
لا ظل يعرفني؛
ألملم شتات جناح طائر النورس،
عند مطلع الفجر،
أنسى حدود يدي؛
حين أقلد نفسي خلف الشمس.
صغيرا كنت،
أرسم تاريخ العرب.
راحل يا أمٌي...
في مدن المنفى،
أعيد ترتيب بيت الوطن.
عابرا مسالك الصحو،
أطل على مشارف عربستان،
أصبغ وجهي بوحل الطوفان.
راحل يا أمٌي...
يحتويني ظلك الناعم،
في سحب حلمي.
بيني، وبينك غيمة بكاء.
أغترف وجعي قسمة عربية،
تفضحني سحنتي السمراء؛
تفضحني آثار قدمي في الماء،
في كل ميناء أحمل راية وطن.
أحن إلى كل ما تبقى مني،
في صورة أمي،
وصوت أبي على الدرج.
نسيت أن اكتب إسمي
حتى، لا اعرف من أنا.
راحل يا أمٌي...
راحل يا أمٌي...
راحل يا أمٌي...
خليل الوافي