أيّ شيء يكون حائلا
بيني و بين شفتيك
في جرأتك النادرة
من عناد يفوق الخيال
كنت بالأمس بريئة حد الصغر
من قطاف العنب
في أوج نضارته
من شمس تغادر
حجمها في الأفق
مراعي الغزلان الخائفة
تخبئ نبوءة المطر
فيض الماء في الأرض المغمورة
ينتفض من غيض
ما أبكته العين الغاضبة
أداري وجهي بكف يدي
وشم غجرية تداعب البحر
ترتعش خصوبة المكان
في البلاد البعيدة
من فطام الحليب عن هشاشة الجسد
كل الذي قالته عذراء البراري
لم أحلمه يوم ولدت
عن المسالك الوعرة
يكبر خطوي في بحر الحجر
لم يكن جسدي
سوى ركام الأتربة
فوق سطح بيتي القديم
في صحراء التيه أمشي
أراها تحرك النخل ساعة الولادة
يأتيها المخاض سريعا
كلمح البصر أشكو حظي
عند ممر الشجر
أقلب وجهي في مرآة غيري
لا شكل لي في ما تراه عيناي
الشوك يؤلم حوافر الخيل
في إشتعال الرمال الحائرة
أقترب من صوتي المبحوح
في شقوق المرايا المتكسرة
لمست وجهي مصادفة
و أنا أرتب مساحيق الغياب
أحسست بقناع يحمل عني زيف الحقيقة
في كل هذا اللغط المشاغب
بدت عليه تجاعيد الوهم الفارغ
من جدوى الإبتسامة
أيّ شيء يوقظ فيّ حماسة الرجال
في كل الحروب الخاسرة
أقف وحيدا في ساحة الوغى
أسيرا
أغيب في نفسي
مقيدا بأغلال الخيبة
تقودني الهزائم
شبح الليالي الباردة
في نعش قبري
الراحل إلى تراب موتي
أتهجى طلاسيم البداية
حرا ، طليقا أمشي
أتذوق ملامحي المنفلثة
من زجاج النافذة
أخسر ظلي
كلما خاصمت الشمس في المغيب
تمنحني فرصة أخيرة
كي أرى ظلي
ينفض عنه رتابة الوجع المغولي
في حدود ذاكرتي
يملأني الحنين إليك
في الوحشة الغريبة
في بطن الحوت
لم أدرك أني حي في ذاتي
في قصائدي العاجزة على قولي
في مقاهي التسكع
في اللوحات الزيتية
أرى وطني يتغير في الألوان
في صمتي الطفولي
حتى آخر ظهور لي على وجه القمر
أشتهي لغتي
في نطق الكائنات النادرة
ينقرض صوتي مع بزوغ الشفق
أتوغل في ممكنات الضوء
ينصهر معدن التراب
قالبا يخص جسدي العار مني
أحفظ ذاكرتي من التلاشي
أحن إلى صمتي الملتهب في الكلام
في إنكماش القنفد
في سبات الغابات الممطرة
تحت جليد الإرتجاف
تعود الصورة إلى جوهر الإكتشاف
أضبط إيقاع جسدي
يفيض الماء طريق حبري
على بياض الورق
مثل سفينة تخوض حرب الموج
أبحث عن مرساي في سكون العاصفة
درأ للغرق المفاجئ
تكثر الطحالب في غوصي
وكلما إقتربت منك
أمسك أصابعك المرمرية
في ملامس الأصداف
القريبة من صوتك
تروي حكايات الماء و الرمل
في شاطئ الذكريات
في الماء يتغير لون جسدي
في الرمل أقتفي أثر قدمي
في الحكاية أحْبك نهايتي
ـ من أين أتيت ؟
و إلى أي الكواكب سأعود ؟
أيّ شيء يرش الندى
عن صبحي القديم
أمسح وجهي في مرآة الزمن
يخرج الربيع بريئا
من وشاية خريف بائس
تحت شجرة الخروب
أنتظر لحظة الغروب
في شاطئ غربتي يتسع النشيد
في صخر يمتد ظلي
عبر الماء و السماء
يكبر الحلم صورتي
في موج يتصاعد ركاب الصهيل
يختفي وجهي ويتسارع للهبوط
يعاود الصعود
ينحصر الريح في ألواح الأشرعة
أراقب مدى الطيور في الغناء
يجتمع البحر و بحري
في أرض تسبح في لج الماء
يتبخر الغيم قطع هواء
لمن يحب رؤية البجع
في أقاليم الحصاد
ترتفع الزغاريد موسم خصوبة
نسل و حرث أولاد
تبتسم العيون من فرط الماء و التراب
أجمع تمار العمر إخوة و أحفاد
أطبطب على الحفيد
وهو يراقب شمس الغروب
تغادر مدن الصحو فينا
تنام فوق أفق الغياب
ينفجر الليل بلونه الكوني
وشاح مريم العذراء
يجتمع السكون النادر
في قرى الدعاء
أسأل النهر عن الماء
عن وجهي في سهول الجفاف
أمسح عنها دمعة البراءة
تخرج يدي بيضاء
لا أثر لوجهي في المرايا الغائبة
و لا في الظلال الخائفة من حفيف الورق
أرسم شكلي في الماء
يوقظ بوحي في العناق
في الفراق
في العطش اليومي
أكتشف ظلي يعود
إلى أصل الإنتماء
خليل الوافي من الوطن العربي
كتبت بتاريخ : 24/03/2013
khalil-louafi@hotmail.com