فيض من غيض= زنزانة تنشد الحرية لسجينها

توجست خيفة وهي تراقب عن كثب ظل رجل سابح خارج فضاء الزنزانة . لا يشعر ان المكان يشكل فارقا في ظل التراكمات التاريخية التي يحفل بها سجله الفاضح لاسرار الحقيقة ...قلت في نفسي هناك شيء غير مفهوم في قضية الرجل . والامر يتطلب الحاحا قويا لتوضيح اللبس الحاصل في دفاتر الكتابة التي ترصد الخفي و المعلن في حكاية من اخذ بناصية الحرية منذ بداية طلوع فجر جديد على مملكة التحولات الكبرى فوق سطح البحيرة الراكضة بفعل التباين الحاصل بين قيادات المجموعات الخائفة و المجموعات المحايدة ...واخرى تنبش في وضع اطار جديد تشكل بموجبه طموحات الشعوب الغاضبة التي حاولت ان توصل صورتها خارج اللسان و المكان ....وسرعان ما انطلقت في سماء التغيير طريقة لفك العزلة عن الاصوات الثائرة ضد نفسها و ضد تاريخها الهزيل و موقعها المهمش طيلة سنوات الحفر والطمي ...ولم تدرك هذه الحركات التعبيرية حقيقة الفاجعة الا عندما تحول الوحش الى تماثلات متعددة تصعب الامساك بواحدة في اطار التعتيم الواضح لكل اشكال النبش في ذاكرة موصدة باقفال الصمت . وقضبان مكشوفة لكل من اراد فتح ابوابها
ان زنزانة المظالم والرطوبة المفرطة للمكان . وغياب شمس على الجدران . واختلاف الروح مع جسدها حول قضايا الامة . فان محيطها الواسع والضيق يلهم زمن التحولات داخل اسوارها الصامدة و الراصدة لحرية الاشخاص والافكار وحتى الاشياء البسيطة ....قررت في زمن الثورة العربية ان تخرج الزنزانة عن صمتها . وتدافع بقوة التجربة التي كسبتها طيلة زمنها العقيم ان ترفع الى ادارة السجون استئناف حكم سجينها التي تعرفه اكثر من الذين اصدروا في حقه حكما نافذا ضد معنى الحرية وتجلياتها العميقة ...و دون ان يعلم باعتبار الحكم قد يفضي الى اتساع رقعة الاحتجاج . وتخرج الامور عن السيطرة
ومن يعلم كيف سيبدو المستقبل القريب . ونحن على مشارف انتفاضة شعبية قوية وعارمة اكثر من سابقاتها لتحارب اشكال الفساد ...والدروس والعبر كثيرة لابد من مراجعتهاقبل الدخول في الامتحان الصعب ...وكل الفرضيات ممكنة لردود فعل متتالية تعصف بالمشهد السيياسي المرتقب......
قررت الزنزانة هذه المرة ان ترفع شعار التحدي . ويتجلى في منع اي سجين ان يدخل في حماها الا اذا كان يستحق العقاب و القصاص ..وغير عابئة بالقرارات الصادرة و لا الاوامر المتبعة ...وفضى الصراع الداخلي والعجيب الى حبس الزنزانة في سجن انفرادي انتقاما من مواقفها حيال ما يجري الساحة وفي اعتقال الكلمة......

طنجة في 11/06/2011.....خليل الوافي ....الشاعر والكاتب الصحفي

» ذاكرة زنزانة في الحديد
» الحرية.........
» فيض من غيض = نهاية الحرية