تحت الأنقاض ولدت
لم أصرخ في وجه الحطام،
تركت الجدار يتكئ على الجدار
هكذا ولدت
بأرض حبلى بالجثث
ابتسمت في غمرة الغبار
سلكت كهف الحجر
قطعت كل هذا التراب
لم أجد لدمي لون الغياب
هذا أنا.. بالعربي
أبحث عن وجه يشبهني
في ركام الهزائم...
الثقيلة على اللسان.
نفضت عن جسدي إنتماءه،
ورحت أتذوق..
رائحة الموت في كل مكان.
شعرت أني ولدت من جديد
على مقربة مني
أجدني...
أخالف سلالة جدي
في سيرة الخيام
هذا أنا.. بالعربي
تذكرت وقت...
ما كنت،
أقرأ في لوح الفقيه،
فاتحة السجود
وصلاة يكسر طقسها
صوت آذان بعيد.
تذكرتني أرتجف فوق الصراط
تذكرت وقع السياط،
وهو يرسم جسدي
خطوط ما هو آتي.
هذا أنا.. بالعربي،
غريق...
في وهج الصمت
أكتب تفاصيل حياة
وأخرى تهرب مني
في بحر لا يتحمل زرقة موتاه
وأنا...
المقذوف ضد التيار
تضيئني فوانس جمر؛
ملتهب قرب جدار النسيان
لا تحميني مراكب صيد
ولا إشارات الغروب
أخذلني النعاس
في جوف المدينة
حين ينام القمر
تحت سقف الفجر،
وموانئ تغسل وجهها بملح الدم.
هذا أنا.. بالعربي،
أتلمس وجهي في الماء،
أتلاشى خلف الدوائر،
يكثر الصمت في فمي
لا أثر لوجهي
فوق سطح بئري
أرقب محنة التراب
في الوجوه المتعبة
ينكسر الصمت في فمي
لا أقوى على الكلام
تحط قوافل النسيان
على شجر النخيل
تطير العصافير هاربة
من سراب الأفق
كنت نخلا على مشارف النهر،
صرت،
صحراء تلملم جروحها
بأكف الصبار.
ماذا تبقى لي ؟
وأنا المنسي قرب الدار.
هذا أنا.. بالعربي،
أيٌ ريح تصلب نفسها
قربانا للعائدين من وطن المنفى؟
أيٌ منفى يحمي طفولتي من الهرم
شباك تقادم في الرحيل
كي يعتزل الطير سماؤه،
وينقذ الكلام من لغوه
العالق في أغصان السهو.
خسرت نسياني على أطراف قرطبة،
ثمة متسع؛
كي يعبر الطوفان حلم الأندلس.
هذا أنا.. بالعربي،
كنت أخبئ صمتي الخجول
من مرايا خوفي
وأنا العربي المأخوذ بغيري
أراك...
تشبهني في تفاصيل الحياة.
إليه ... تأوي ضعاف القوم
أتلمس وجعي...
همس الشجر
المشتعل في إحراقي
أحمل سيفي في وجه الظل
لا أرى شبحي في المعركة
ثمة من سرق النصر
من عيون القتلى.
هذا أنا.. بالعربي،
لا أحمل إسما
لا أضيء نجما
لا أبتغي وطنا
لكنني ولدت هنا
تحت الحرب القديمة
أنجبتي سماء العدو؛
كي أموت هناك
أتلعثم في الكلام
بحثت طويلا عن شكل أبي بين الجثث
وأمي غادرت ملامحي في الحلم
هذا أنا.. بالعربي،
أخاصم صمت بوحي
طريق الشرق
لا أكشف أوراقي
عند خريف العمر
شجر يعلو روابي الزمن
يحجب عمري
في تجاعيد مرآتي التافهة
تحت سلم البيت
هذا أنا.. بالعربي،
أقتبس غربتي في كل مكان
أحتمي بسهر الكؤوس
على طاولة نساء
يقارعن سكوك النسيان.
من يحدثني عنك
أقترب من مداخل البوح
أطل على ذكرياتي القديمة
في دفاتر لا يعرف
أقفالها غيري
هل تستبيح العروبة
مضجعي؟
هذا أنا.. بالعربي،
أنفث الزهر على مقابر الجبل
كلما ابتعد الصيف بعيدا
خلف مدار المطر
أتهجى رماد الثلج
في كساء خريف
يستوطن مقالع البرد
أرسم سويداء ليل
يركب بياضه الأبدي
،في انحصار الماء
ؤهذا أنا.. بالعربي،
أصنع من لغتي
وسادة قبري.